قلت : معناه : إن الهدَى هُدى الله، من شاء يَلْطُف به حتى يُسلم، أو يزيد ثباتاً، ولم ينفع كيدكم وحِيَلُكم، وذَبُّكم تصديقكم عن المسلمين والمشركين، وكذلك قوله :﴿ قُلْ إِنَّ الفضل بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ﴾ يريد الهداية والتوفيق.
قال شهاب الدينِ :" وهذا كلامٌ حسَنٌ، لولا ما يُريد بباطنه "، وعلى هذا يكون قوله :﴿ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ ﴾ مستثْنَى من شيء محذوفٍ، تقديره : ولا تُؤمنوا بأن يُؤتَى أحد مل ما أوتيتم لأحد من الناس إلا لأشياعكم دون غيرهم، وتكون هذه الجملة - أعني قوله :﴿ وَلاَ تؤمنوا ﴾ من كلام الطَّائِفَةِ المتقدمة، أي وقالت طائفةٌ كذا، وقالت أيضاً : ولا تؤمنوا، وتكون الجملة من قوله :﴿ قُلْ إِنَّ الهدى هُدَى الله ﴾ من كلام اللهِ لا غير ".
قال ابن الخطيبِ : وعندي أن هذا التفسير ضعيف من وُجُوهٍ :
الأول : أن جدَّ القوم في حفظ أتباعهم عن قبول دين محمَّد ﷺ كان أعظمَ من جدهم في حفظِ غير أتباعهم عنه، فكيف يليق أن يوصِيَ بعضُهم بعضاً بالإقرار بما يدل على صحة دين محمَّد ﷺ عند أتباعهم، وأشياعهم، وأن يمتنعوا من ذلك عند الأجانب ؟ هذا في غاية البعد.
الثاني : أن على هذا التقدير لا بد من الحَذْف ؛ فإن التقدير : قل إن الهُدَى هُدَى اللهِ، وإنّ الفَضْلَ بِيَدِ اللهِ، وَلا بُدَّ مِنْ حَذْفِ قَلْ في قوله :﴿ قُلْ إِنَّ الفضل بِيَدِ الله ﴾.
الثالث : أنه كيف وقع قوله :﴿ قُلْ إِنَّ الهدى هُدَى الله ﴾ فيما بين جزأي كلام واحد ؟ هذا في غاية البعد عن الكلام المستقيم.


الصفحة التالية
Icon