أي حتى، ومن هذا قوله تعالى :﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ [ آل عمران : ١٢٨ ]، ومعنى الآية : ما أعطي أحد مثل ما أوتيتم - يا أمة محمدٍ - من الدين والحُجَّة حتى يحاجوكم عند ربكم "، قال :" فهذا وَجْهٌ، وأجود منه أن تجعله عَطْفاً على الاستفهام، والمعنى : أأن يُؤتَى أحَد مثل ما أوتيتم أو يحاجَّكم أحد عند الله تصدقونه ؟ ". وهذا كله معنى قول أبي علي الفارسي.
ويجوز أن يكون ﴿ أَن يؤتى أَحَدٌ ﴾ منصوباً بفعل مُقَدَّرٍ لا على سبيل التفسير، بل لمجرد الدلالة المعنوية، تقديره : أتذكرون، أو أتشيعونه. ذكره الفارسي أيضاً، وهذا هو الوجه الرابع.
الخامس : أن يكون ﴿ أَن يؤتى ﴾ - قراءته - مفعولاً من أجله على أن يكون داخلاً تحت القول لا من قول الطائفة، وهو أظهر مِنْ جَعْلِه من قَوْل الطَّائِفَةِ.
قال ابن الخطيبِ :" أما قراءة من يقصر الألف من " أنْ " فقد يُمْكن إيضاحها على معنى الاستفهام، كما قرئ :﴿ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُم ﴾ [ البقرة : ٦ ] - بالمد والقصر - وكذا قوله تعالى :﴿ أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ﴾ [ القلم : ١٤ ] قرئ بالمد والقصر.
وقال امرؤ القيس :[ المتقارب ]
١٥١٥- تَرُوحُ مِنَ الْحَيِّ أمْ تَبْتَكِرْ... وَمَاذَا عَلَيْكَ بِأنْ تَنْتَظِر ؟
أراد : أتروح ؟ فحذف ألف الاستفهام ؛ لدلالة " أم " عليه، وإذا ثبت أن هذه القراءةَ مُحْتَمِلَةٌ لمعنى الاستفهام كان التقدير ما شرحناه في القراءة الأولى.
وقد ضعف الفارسيُّ قراءةَ ابن كثيرٍ، فقال :[ " وهذا موضع ينبغي أن تُرَجَّحَ فيه قراءةُ غيرِ ابنِ كثير على قراءة ابن كثير ] ؛ لأن الأسماء المُفْرَدةَ ليس بالمستمر فيها أن تدلَّ على الكثرة ".


الصفحة التالية
Icon