فأجاب عنه بقوله ﴿قُلْ إِنَّ الفضل بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء﴾ والمراد بالفضل الرسالة، وهو في اللغة عبارة عن الزيادة، وأكثر ما يستعمل في زيادة الإحسان، والفاضل الزائد على غيره في خصال الخير، ثم كثر استعمال الفضل لكل نفع قصد به فاعله الإحسان إلى الغير وقوله ﴿بِيَدِ الله﴾ أي إنه مالك له قادر عليه، وقوله ﴿يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء﴾ أي هو تفضل موقوف على مشيئته، وهذا يدل على أن النبوة تحصل بالتفضل لا بالاستحقاق، لأنه تعالى جعلها من باب الفضل الذي لفاعله أن يفعله وأن لا يفعله، ولا يصح ذلك في المستحق إلا على وجه المجاز وقوله ﴿والله واسع عَلِيمٌ﴾ مؤكد لهذا المعنى، لأن كونه واسعاً، يدل على كمال القدرة، وكونه عليماً على كمال العلم، فيصح منه لمكان القدرة أن يتفضل على أي عبد شاء بأي تفضل شاء، ويصح منه لمكان كمال العلم أن لا يكون شيء من أفعاله إلا على وجه الحكمة والصواب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٨٧ ـ ٨٧﴾