أحدهما : أن الكلمة تعبر عن ألفاظ وكلمات.
قال اللغويون : ومعنى كلمة : كلام فيه شرح قصة وإن طال، تقول العرب : قال زهير في كلمته يراد في قصيدته.
قالت الخنساء :
وقافيةٍ مثلِ حدِّ السنا...
ن تبقى ويذهبُ من قالها
تقدُّ الذّؤابة مِن يَذْبلٍ...
أبت أن تُزايل أوعالَها
نطْقتَ ابنَ عمروٍ فسهَّلتها...
ولم ينطق الناس أمثالها
فأوقعت القافية على القصيدة كلها، والغالب على القافية أن تكون في آخر كلمة، من البيت، وإنما سميت قافية، لإن الكلمة تتبع البيت، وتقع آخره، فسُميت قافية من قول العرب : قفوت فلاناً : إذا اتبعته، وإلى هذا الجواب يذهب الزجاج وغيره.
والثاني : أن المراد بالكلمة : كلمات، فاكتفى بالكلمة من كلمات، كما قال علقمة بن عبدة.
بِها جيفُ الحسرى فأمّا عظامُها...
فبيضٌ وأما جلدُها فصليب
أراد : وأما جلودها، فاكتفى بالواحد من الجمع، ذكره والذي قبله ابن الأنباري. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٤٠١﴾
قوله تعالى ﴿أَن لا نَعْبُدَ إِلاَّ الله﴾
فصل
قال الفخر :
إنه تعالى ذكر ثلاثة أشياء أولها :﴿أَن لا نَعْبُدَ إِلاَّ الله﴾
وثانيها : أن ﴿لا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً﴾
وثالثها : أن ﴿لاَّ يَتَّخِذِ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مّن دُونِ الله﴾ وإنما ذكر هذه الثلاثة لأن النصارى جمعوا بين هذه الثلاثة فيعبدون غير الله وهو المسيح، ويشركون به غيره وذلك لأنهم يقولون إنه ثلاثة : أب وابن وروح القدس، فأثبتوا ذوات ثلاثة قديمة سواء، وإنما قلنا : إنهم أثبتوا ذوات ثلاثة قديمة، لأنهم قالوا : إن أقنوم الكلمة تدرعت بناسوت المسيح، وأقنوم روح القدس تدرعت بناسوت مريم، ولولا كون هذين الأقنومين ذاتين مستقلتين وإلا لما جازت عليهما مفارقة ذات الأب والتدرع بناسوت عيسى ومريم، ولما أثبتوا ذوات ثلاثة مستقلة فقد أشركوا، وأما إنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله فيدل عليه وجوه :