الثاني : أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام موصوفون بصفات لا يحسن مع تلك الصفات ادعاء الإلهية والربوبية منها أن الله تعالى آتاهم الكتاب والوحي وهذا لا يكون إلا في النفوس الطاهرة والأرواح الطيبة، كما قال الله تعالى :﴿الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رسالاته﴾ [ الأنعام : ١٢٤ ] وقال :﴿وَلَقَدِ اخترناهم على عِلْمٍ عَلَى العالمين﴾ [ الدخان : ٣٢ ] وقال الله تعالى :﴿الله يَصْطَفِى مِنَ الملائكة رُسُلاً وَمِنَ الناس﴾ [ الحج : ٧٥ ] والنفس الطاهرة يمتنع أن يصدر عنها هذه الدعوى، ومنها أن إيتاء النبوّة لا يكون إلا بعد كمال العلم وذلك لا يمنع من هذه الدعوى، وبالجملة فللإنسان قوتان : نظرية وعملية، وما لم تكن القوة النظرية كاملة بالعلوم والمعارف الحقيقية ولم تكن القوة العملية مطهرة عن الأخلاق الذميمة لا تكون النفس مستعدة لقبول الوحي والنبوّة، وحصول الكمالات في القوة النظرية والعملية يمنع من مثل هذا القول والاعتقاد،
الثالث : أن الله تعالى لا يشرف عبده بالنبوّة والرسالة إلا إذا علم منه أنه لا يقول مثل هذا الكلام
الرابع : أن الرسول ادعى أنه يبلغ الأحكام عن الله تعالى، واحتج على صدقه في هذه الدعوى فلو أمرهم بعبادة نفسه فحينئذ تبطل دلالة المعجزة على كونه صادقاً، وذلك غير جائز،


الصفحة التالية
Icon