هو الذي يرب الناس، فالربانيون هم ولاة الأمة والعلماء، وذكر هذا أيضاً في قوله تعالى :﴿لَوْلاَ ينهاهم الربانيون والأحبار﴾ [ المائدة : ٦٣ ] أي الولاة والعلماء وهما الفريقان اللذان يطاعان ومعنى الآية على هذا التقدير : لا أدعوكم إلى أن تكونوا عباداً لي، ولكن أدعوكم إلى أن تكونوا ملوكاً وعلماء باستعمالكم أمر الله تعالى ومواظبتكم على طاعته، قال القفال رحمه الله : ويحتمل أن يكون الوالي سمي ربانياً، لأنه يطاع كالرب تعالى، فنسب إليه
الرابع : قال أبو عبيدة أحسب أن هذه الكلمة ليست بعربية إنما هي عبرانية، أو سريانية، وسواء كانت عربية أو عبرانية، فهي تدل على الإنسان الذي علم وعمل بما علم، واشتغل بتعليم طرق الخير. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٩٨﴾
قال الطبرى :
وأولى الأقوال عندي بالصواب في"الربانيين" أنهم جمع"رباني"، وأن"الرباني" المنسوب إلى"الرَّبَّان"، الذي يربُّ الناسَ، وهو الذي يُصْلح أمورهم، و"يربّها"، ويقوم بها، ومنه قول علقمة بن عبدة :
وَكُنْتُ امْرَأً أَفْضَتْ إلَيْكَ رِبَابَتي... وَقَبْلَكَ رَبَّتْني، فَضِعْتُ، رُبُوبُ
يعني بقوله :"ربتني" : ولي أمري والقيامَ به قبلك من يربه ويصلحه، فلم يصلحوه، ولكنهم أضاعوني فضعتُ.
يقال منه :"رَبَّ أمري فلان، فهو يُربُّه رَبًّا، وهو رَابُّه". فإذا أريد به المبالغة في مدْحه قيل :"هو ربّان"، كما يقال :"هو نعسان" من قولهم :"نعَس يَنعُس". وأكثر ما يجيء من الأسماء على"فَعْلان" ما كان من الأفعال ماضيه على"فَعِل" مثل قولهم :"هو سكران، وعطشان، وريان" من"سَكِر يسكَر، وعطِش يعطَش، ورَوي يرْوَى". وقد يجيء مما كان ماضيه على"فَعَل يَفعُل"، نحو ما قلنا من"نَعَس يَنعُس" و"ربَّ يَرُبّ".


الصفحة التالية
Icon