قال أبو حيّان :" وجه الخطأ أنه إذا كان معطوفاً على " يَقُولَ " وجعل " لا للنفي - على سبيل التأسيس لا على سبيل التأكيد - فلا يمكن أن يُقَدَّر الناصب - وهو " أن " - إلا قبل " لا " النافية، وإذا قدرها قبلها انسبك منها ومن الفعل المنفي بـ " لا " مصدر منفي، فيصير المعنى : ما كان لبشر موصوف بما وُصِفَ به انتفاء أمره باتخاذ الملائكة والنبيين أرباباً - وإذا لم يكن له انتفاء الأمر بذلك كان له ثبوت الأمر بذلك، وهو خَطَأ بيِّن.
أما إذا جعل " لا " لتأكيد النفي لا لتأسيسه فلا يلزم خَطَأ، ولا عدم التئام المعنى ؛ وذلك أنه يصير النفي مستحباً على المصدرين المقدَّرِ ثبوتهما، فينتفي قوله :﴿ كُونُواْ عِبَاداً لِّي ﴾ وينتفي أيضاً أمره باتخاذ الملائكة والنبيين أرباباً. ويوضِّح هذا المعنى وَضْعُ " غير " موضع " لا " فإذا قلتَ : ما لزيد فقهٌ ولا نحوٌ.
كانت " لا " لتأكيد النفي، وانتفى عنه الوَصْفان، ولو جعلت " لا " لتأسيس النفي كانت بمعنى " غير " فيصير المعنى انتفاء الفقه عنه، وثبوت النحو له ؛ إذ لو قلت : ما لزيد فقه غير نحو، إن في ذلك إثبات النحو له، كأنك قلتَ : ما له غير نحو، ألا ترى أنك إذا قلت : جئت بلا زادٍ، كان المعنى : جئت بغير زاد وإذا قلت : ما جئت بغير زادٍ، معناه أنك جئت بزاد ؛ لأن " لا " هنا لتأسيس النفي، فإطلاق ابن عطية الخطأ وعدم التئامِ المعنى إنما يكون على أحد التقديرين، وهو أن يكون " لا " لتأسيس النفي لا لتأكيده، وأن يكون من عطف المنفي بـ " لا " على المثبت الداخل عليه النفي نحو : ما أريد أن تجهل وألا تتعلم، تريد : ما أريد أن لا تتعلم ".
وتابع الزمخشريُّ الطبريَّ في عطف " يَأمُرَكُم " على " يَقُولَ " وجوَّزَ في طلا " الداخلة عليه وجهين :
أحدهما : أن يكون لتأسيس النفي.


الصفحة التالية
Icon