ويمكن أن يجعل قوله بديع السموات والأرض من قبيل إضافة الصفة إلى فاعلها ويستفاد منه أن خلقه تعالى على غير مثال سابق فلا يمكن منه الإيلاد لأنه خلق على مثال نفسه لانمفروضهم العينية فيكون هذه الفقرة وحدها برهانا آخر.
ولو فرض قولهم اتخذ الله ولدا كلاما ملقى لا على وجه الحقيقة بل على وجه التوسع في معنى الابن والولد بأن يراد به انفصال شئ عن شئ يماثله في الحقيقة من غير تجزء مادي أو تدريج زماني وهذا هو الذي يرومه النصارى بقولهم المسيح ابن الله بعد تنقيحه ليتخلص بذلك عن إشكال الجسمية والمادية والتدريج بقي إشكال المماثلة.
توضيحه أن إثبات الابن والأب إثبات للعدد بالضرورة وهو إثبات للكثرة الحقيقية وإن فرضت الوحدة النوعية بين الأب والابن كالأب والابن من الإنسان هما واحد في الحقيقة الإنسانيد وكثير من حيث إنهما فردان من الإنسان وعلى هذا فلو فرض وحدة الإله كان كل ما سواه ومن جملتها الابن غيرا له مملوكا مفتقرا إليه فلا يكون الابن المفروض إلها مثله ولو فرض ابن مماثل له غير مفتقر إليه بل مستقل مثله بطل التوحيد في الإله عز اسمه.
وهذا البيان هو المدلول عليه بقوله تعالى ﴿ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا﴾ : النساء - ١٧١.


الصفحة التالية
Icon