وهذه الطريقة هي المسلوكة في قوله تعالى ﴿لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد﴾ إلى أن قال ﴿ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون﴾ : المائدة - ٧٥ وقد خص أكل الطعام من بين جميع الأفعال بالذكر لكونه من أحسنها دلالة على المادية واستلزاما للحاجة والفاقة المنافية للألوهية فمن المعلوم أن من يجوع ويظمأ بطبعه ثم يشبع بأكله أو يرتوى بشربه ليس عنده غير الحاجة والفاقة التي لا يرفعها إلا غيره وما معنى ألوهية من هذا شأنه فإن الذي قد أحاطت به الحاجة واحتاج في رفعها إلى الخارج من نفسه فهو ناقص في نفسه مدبر بغيره وليس بإله غني بذاته بل هو مخلوق مدبر بربوبية من ينتهي إليه تدبيره.
وإلى هذا يمكن أن يرجع قوله تعالى ﴿لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير : المائدة - ١٧.
وكذا قوله تعالى في ذيل الآية المنقولة سابقا آية ٧٥ خطابا للنصارى {قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم﴾
: المائدة - ٧٦.


الصفحة التالية
Icon