وقال الآلوسى :
﴿ بلى ﴾ جواب لقولهم ﴿ لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الأميين سَبِيلٌ ﴾ [ آل عمران : ٧٥ ]، وإيجاب لما نفوه، والمعنى بلى عليهم في الأميين سبيل. ﴿ مَنْ أوفى بِعَهْدِهِ واتقى فَإِنَّ الله يُحِبُّ المتقين ﴾ استئناف مقرر للجملة التي دلت عليها ﴿ بلى ﴾ حيث أفادت بمفهومها المخالف ذم من لم يف بالحقوق مطلقاً فيدخلون فيه دخولاً أولياً، و﴿ مِنْ ﴾ إما موصولة أو شرطية، و﴿ أُوفِى ﴾ فيه ثلاث لغات : إثبات الهمزة وحذفها مع تخفيف الفاء وتشديدها، والضمير في عهده عائد على ﴿ مِنْ ﴾ وقيل : يعود على ﴿ الله ﴾ فهو على الأول : مصدر مضاف لفاعله، وعلى الثاني : مصدر مضاف لمفعوله أو لفاعله ولا بد من ضمير يعود على ﴿ مِنْ ﴾ من الجملة الثانية، فإما أن يقام الظاهر مقام المضمر في الربط إن كان ﴿ المتقين ﴾ من ﴿ أُوفِى ﴾ وإما أن يجعل عمومه وشموله رابطاً إن كان ﴿ المتقين ﴾ عاماً ؛ وإنما وضع الظاهر موضع الضمير على الأول تسجيلاً على الموفين بالعهد بالتقوى وإشارة إلى علة الحكم ومراعاة لرؤوس الآي، ورجح الأول بقوة الربط فيه، وقال ابن هشام : الظاهر أنه لا عموم وأن ﴿ المتقين ﴾ مساو لمن تقدم ذكره والجواب لفظاً، أو معنى محذوف تقديره يحبه الله، ويدل عليه ﴿ فَإِنَّ الله ﴾ الخ، واعترضه الحلبي بأنه تكلف لا حاجة إليه، وقوله : الظاهر أنه لا عموم في حيز المنع فإن ضمير ﴿ بِعَهْدِهِ ﴾ إذا كان لله فالالتفات عن الضمير إلى الظاهر لإفادة العموم كما هو المعهود في أمثاله قاله بعض المحققين. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٢٠٣﴾