ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾
إن قول الحق في بداية هذه الآية ﴿ بَلَى ﴾ إنما جاء لينقض القضية السابقة التي ادعاها أهل الكتاب، وكأن الحق يقول : أيْ عليكم في الأميين سبيل ؛ لأن المشرع هو الله، والناس بالنسبة له سبحانه سواء.
وبعد ذلك يأتي قول الحق بقضية عامة :
﴿ مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران : ٧٦]
ما العهد هنا ؟ وأي عهد ؟
إنه العهد الإيماني الذي ارتضيناه لأنفسنا بأننا آمنا بالله وساعة تؤمن بالإله فمعنى إيمانك به هو حيثية قبولك لكل حكم يصدر منه سبحانه، وأن تلتزم بما يطلبه منك. وإن لم تلتزم بما يطلبه منك كان إيمانك بلا قيمة ؛ لأن فائدة الإيمان هو الالتزام. ولذلك قلنا : إن الحق سبحانه وتعالى حينما يريد تشريع حكم لمن آمن به ينادي أولا يأيها الذين آمنوا كتب عليكم كذا، إن الحق سبحانه لا ينادي في التكليف كل الناس، إنما ينادي من آمن وكأن سبحانه يقول :" يا من آمن بي إلها، اسمع مني الحكم الذي أريده منك. أنا لا أطلب ممن لم يؤمن بي حكما، إنما أطلب ممن آمن ".
وهنا يقول الحق :﴿ مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ وقد يفهم البعض هذا القول بأن من أوفى بعهده الإيماني واتقى الله في أن يجعل كل حركاته مطابقة لـ " افعل ولا تفعل " فإن الله يحبه. هذا هو المعنى الذي قد يُفهم للوهلة الأولى، لكن الله لم يقل ذلك، إن " الحب " لا يرجع إلى الذات بل يرجع إلى العمل، لقد قال الحق :﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon