الأول : أنه تعالى لما وصف اليهود بالخيانة في أموال الناس، ثم من المعلوم أن الخيانة في أموال الناس لا تتمشى إلا بالأيمان الكاذبة لا جرم ذكر عقيب تلك الآية هذه الآية المشتملة على وعيد من يقدم على الأيمان الكاذبة
الثاني : أنه تعالى لما حكى عنهم أنهم ﴿يَقُولُونَ عَلَى الله الكذب وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [ آل عمران : ٧٥ ] ولا شك أن عهد الله على كل مكلف أن لا يكذب على الله ولا يخون في دينه، لا جرم ذكر هذا الوعيد عقيب ذلك
الثالث : أنه تعالى ذكر في الآية السابقة خيانتهم في أموال الناس، ثم ذكر في هذه الآية خيانتهم في عهد الله وخيانتهم في تعظيم أسمائه حين يحلفون بها كذباً، ومن الناس من قال : هذه الآية ابتداء كلام مستقل بنفسه في المنع عن الأيمان الكاذبة، وذلك لأن اللفظ عام والروايات الكثيرة دلت على أنها إنما نزلت في أقوام أقدموا على الأيمان الكاذبة، وإذا كان كذلك وجب اعتقاد كون هذا الوعيد عاماً في حق كل من يفعل هذا الفعل وأنه غير مخصوص باليهود. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٩١ ـ ٩٢﴾
وقال ابن عاشور :
مناسبة هذه الآية لما قبلها أنّ في خيانة الأمانة إبطالاً للعهد، وللحلف الذي بينهم، وبين المسلمين، وقريشٍ.
والكلامُ استئناف قصد منه ذكر الخُلق الجامع لشتات مساوىء أهل الكتاب من اليهود، دعا إليه قوله وَدّت طائفة من أهل الكتاب وما بعده.
وقد جرت أمثال هذه الأوصاف على اليهود مفرّقة في سورة البقرة ( ٤٠ ) :﴿ أوفوا بعهدي، ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً ﴾ [ البقرة : ٤١ ].
﴿ ماله في الآخرة من خلاق ﴾ [ البقرة : ١٠٢ ].
﴿ ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزيكهم ﴾ [ البرة : ١٧٤ ].
فعلمنا أنهم المراد بذلك هنا.


الصفحة التالية
Icon