وقال الفخر :
اعلم أن تعلق هذه الآية بما قبلها من وجهين،
الأول : أنه - تعالى - حكى عنهم في الآية المتقدمة أنهم ادعوا أنهم أوتوا من المناصب الدينية، ما لم يؤتَ أحد غيرُهم مثلَه، ثم إنه تعالى بيّن أن الخِيانة مستقبحة عند جميع أرباب الأديان، وهم مصرون عليها، فدل هذا على كذبهم
والثاني : أنه تعالى لما حكى عنهم في الآية المتقدمة قبائح أحوالهم فيما يتعلق بالأديان وهو أنهم قالوا ﴿لاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ﴾ [ آل عمران : ٧٣ ] حكى في هذه الآية بعض قبائح أحوالهم فيما يتعلق بمعاملة الناس، وهو إصرارهم على الخيانة والظلم وأخذ أموال الناس في القليل والكثير. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٨٨﴾
وقال ابن عاشور :
قوله تعالى ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾
عطف على قوله :﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب ﴾ [ آل عمران : ٧٢ ] أو على قوله :﴿ ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم ﴾ [ آل عمران : ٦٩ ] عطف القصة على القصة والمناسبة بيان دخائل أحوال اليهود في معاملة المسلمين الناشئة عن حسدهم وفي انحرافهم عن ملة إبراهيم مع ادّعائهم أنهم أولَى الناس به، فقد حكى في هذه الآية خيانة فريق منهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٣١﴾


الصفحة التالية
Icon