أنتم الذين تكونون في الزمن الآتي جلوساً على إثني عشر كرسياً تدينون إثني عشر سبط إسرائيل فشهد للكل بالفوز والبر عامة في القيامة ثم نقض ذلك متى وغيره وقال : مضى واحد من التلاميذ الإثني عشر وهو يهوذا صاحب صندوق الصدقة فارتشى على يسوع بثلاثين درهماً وجاء بالشرطي فسلم إليهم يسوع فقال يسوع : الويل له خير له أن لا يولد، ومنه أن متى أيضاً ذكر أنه لما حمل يسوع إلى فيلاطس القائد قال : أي شر فعل هذا فصرخ اليهود وقالوا : يصلب يصلب فلما رأى عزمهم وأنه لا ينفع فيهم أخذ ماءاً وغسل يديه وقال : أنا برىء من دم هذا الصديق وأنتم أبصر، وأكذب يوحنا ذلك فقال : لما حمل يسوع إليه قال لليهود : ما تريدون ؟ قالوا : يصلب فضرب يسوع ثم سلمه إليهم إلى غير ذلك مما يطول، فإذا وقع هذا التغيير والتحريف في أصول القوم ومتقدميهم فما ظنك في فروعهم ومتأخريهم.
وإذا كان في الأنابيب حيف... وقع الطيش في صدور الصعاد
ويا ليت شعري هل تنبه ابن منبه لهذا أم لم يتنبه فقال : إن التوراة والإنجيل كما أنزلهما الله تعالى سبحان الله هذا من العجب العجاب ؟ ا. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٢٠٤ ـ ٢٠٧﴾
وقال ابن عاشور :
قوله تعالى ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ﴾
أي من اليهود طائفة تخيل للمسلمين أشياء أنها مما جاء في التوراة، وليست كذلك، إما في الاعتذار عن بعض أفعالهم الذميمة، كقولهم : ليس علينا في الأميين سبيل، وإما للتخليط على المسلمين حتى يشككوهم فيما يخالف ذلك مما ذكره القرآن، أو لإدخال الشك عليهم في بعض ما نزل به القرآن، فاللَّيُّ مجمل، ولكنه مبين بقوله :﴿ لتحسبوه من الكتاب ﴾ وقولِه :﴿ ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ﴾.