ولما كان النظر هنا إلى الرسول ﷺ أكثر لكونها سورة التوحيد الذي هو أخلق به وأغرق فيه ناسب الإعراء عن التأكيد بما في البقرة، ونظر إلى الكل لمحاً واحداً فقال :﴿والنبيون﴾ أي كافة من الوحي والمعجزات ليكون الإيمان بالمنزل مذكوراً مرتين لشرفه ﴿من ربهم﴾ أي المحسن إليهم خاصة وإلى العباد عامة بإرسالهم إليهم ؛ ثم استأنف تفسير هذا الإيمان بقوله :﴿لا نفرق بين أحد منهم﴾ تنبيهاً على الموضع الذي كفر به اليهود والنصارى ﴿ونحن له﴾ أي لله وما أنزل من عنده ﴿مسلمون﴾ أي منقادون على طريق الإخلاص والرضى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٢٠ ـ ١٢١﴾
وقال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما ذكر في الآية المتقدمة أنه إنما أخذ الميثاق على الأنبياء في تصديق الرسول الذي يأتي مصدق لما معهم بيّن في هذه الآية أن من صفة محمد ﷺ كونه مصدقاً لما معهم فقال :﴿قُلْ ءامَنَّا بالله﴾ إلى آخر الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٠٨﴾

فصل


قال الفخر :
وحد الضمير في ﴿قُلْ﴾ وجمع في ﴿آمنا﴾ وفيه وجوه
الأول : إنه تعالى حين خاطبه، إنما خاطبه بلفظ الوحدان، وعلمه أنه حين يخاطب القوم يخاطبهم بلفظ الجمع على وجه التعظيم والتفخيم، مثل ما يتكلم الملوك والعظماء
والثاني : أنه خاطبه أولاً بخطاب الوحدان ليدل هذا الكلام على أنه لا مبلغ لهذا التكليف من الله إلى الخلق إلا هو، ثم قال :﴿آمنا﴾ تنبيهاً على أنه حين يقول هذا القول فإن أصحابه يوافقونه عليه


الصفحة التالية
Icon