﴿وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا﴾ وهو القرآن المنزل عليه ﷺ أولاً وعليهم بواسطة تبليغه إليهم، ومن هنا أتى بضمير الجمع، وقد يعتبر الإنزال عليه عليه الصلاة والسلام وحده، ولكن نسب إلى الجمع ما هو منسوب لواحد منه مجازاً على ما قيل، ويحتمل أن تكون النون نون العظمة لا ضمير الجماعة، وعدى الإنزال هنا بعلى وفي البقرة ( ١٣٦ ) بإلى لأنه له جهة علو باعتبار ابتدائه وانتهاء باعتبار آخره، وقد جعل الخطاب هنا للنبي ﷺ فناسبه الاستعلاء وهناك للعموم، فناسب الانتهاء كذا قيل، ويرد عليه قوله تعالى :﴿وَقَالَت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ الكتاب ءامِنُواْ﴾ [ آل عمران : ٧٢ ] والتحقيق أنه لا فرق بين المعدى بإلى والمعدى بعلى إلا بالاعتبار، فإن اعتبرت مبدأه عديته بعلى لأنه فوقاني وإن اعتبرت انتهاءه إلى من هو له عديته بإلى ويلاحظ أحد الاعتبارين تارة والآخر أخرى تفنناً بالعبارة، وفرّق الراغب بأن ما كان واصلاً من الملأ الأعلى بلا واسطة كان لفظ على المختص بالعلو أولى به، وما لم يكن كذلك كان لفظ إلى المختص بالإيصال أولى به وقيل : أنزل عليه يحمل على أمر المنزل عليه أن يبلغه غيره، وأنزل إليه يحمل على ما خص به نفسه لأن إليه انتهاء الإنزال وكلا القولين لا يخلو عن نظر


الصفحة التالية
Icon