وقال ابن عاشور :
المخاطب بفعل قل هو النبي ﷺ ليقول ذلك بمسمع من الناس : مسلمهم، وكافرهم، ولذلك جاء في هذه الآية قوله :﴿وما أنزل علينا﴾ أي أنزل عليّ لتبليغكم فجعل إنزاله على الرسول والأمة لاشتراكهم في وجوب العمل بما أنزل، وعدّى فعل ( أنزل ) هنا بحرف ( على ) باعتبار أنّ الإنزال يقتضي علوّاً فوصول الشيء المنزَل وصول استعلاء وعدّي في آية سورة البقرة بحرف ( إلى ) باعتبار أنّ الإنزال يتضمن الوصول وهو يتعدّى بحرف ( إلى ).
والجملة اعتراض.
واستئناف : لتلقين النبي عليه السلام والمسلمين كلاماً جامعاً لمعنى الإسلام ليدوموا عليه، ويعلن به للأمم، نشأ عن قوله :﴿أفغير دين الله يبغون﴾ [ آل عمران : ٨٣ ].
ومعنى :﴿لا نفرق بين أحد منهم﴾ أننا لا نعادي الأنبياء، ولا يحملنا حبّ نبيئنا على كراهتهم، وهذا تعريض باليهود والنصارى، وحذف المعطوف وتقديره لا نفرق بين أحد وآخر، وتقدم نظير هذه الآية في سورة البقرة.
وهذه الآية شعار الإسلام وقد قال الله تعالى :﴿وتؤمنون بالكتاب كله﴾ [ آل عمران : ١١٩ ].
وهنا انتهت المجادلة مع نصارى نجران. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٤٧﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
آمنا بالله لا بنفوسنا أو حَوْلنا أو قوتنا.
وآمنا بما أنزل علينا بالله، وأَنَّا لا نُفَرِّق بين أحد منهم -بالله سبحانه - لا بحولنا واختيارنا، وجهدنا واكتسابنا، ولولا أنه عرَّفنا أنه مَنْ هو ما عرفنا وإلا فمتى عَلِمْنا ذلك. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٢٥٦﴾