قال الفقيه الإمام : فهذه إشارة إلى نسخ، وقوله ﴿في الآخرة﴾ متعلق بمقدر، تقديره خاسر في الآخر لأن الألف واللام في ﴿الخاسرين﴾ في معنى الموصول، وقال بعض المفسرين : إن قوله ﴿من يبتغ﴾ الآية، نزلت في الحارث بن سويد، ولم يذكر ذلك الطبري. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٤٦٧﴾

فصل


قال ابن عادل :
العامة يظهرون هذين المثلين في ﴿يَبْتَغِ غَيْرَ﴾ لأن بينهُمَا فاصلاً فلم يلتقيا في الحقيقةِ، وذلك الفاصل هو الياء التي حذفت للجزم.
وروي عن أبي عمرو فيها الوجهان :
الإظهار على الأصل، ولمراعاة الفاصل الأصْلِيّ.
والإدغام ؛ مراعاةً للفظ ؛ إذ يَصْدُق أنهما التقيا في الجملة، ولأن ذلك مستحِقّ الحَذْف لعامل الجَزْم.
وليس هذا مخصوصاً بهذه الآية، بل كل ما التقى فيه مِثْلاَنِ بسبب حذف حرف لعلةٍ اقتضت ذلك جَرَى فيها الوجهان، نحو :﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾ [ يوسف : ٩ ] وقوله :﴿وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ﴾ [ غافر : ٢٨ ].
وقد استشكل على هذا نحو ﴿وياقوم مَالي أَدْعُوكُمْ﴾ [ غافر : ٤١ ] ونحو :﴿وياقوم مَن يَنصُرُنِي﴾ [ هود : ٣٠ ] فإنه لم يُرْوَ عن أبي عمرو خلاف في إدغامها، وكان القياس يقتضي جواز الوجهين، لأن ياء المتكلم فاصلة تقديراً.
قوله :" دِيناً " فيه ثلاثة أوجهٍ :
أحدها : أنه مفعول " يَبْتَغِ " و" غَيْرَ الإسْلاَمِ " حالٌ ؛ لأنها في الأصل صفةٌ له، فلما قُدِّمَتْ نُصِبَت حالاً.
الثاني : أن يكون تمييزاً لِ " غَيْرَ " لإبهامها، فمُيِّزَتْ كما مُيِّزت " مِثْلُ " و" شِبهُ " وأخواتهما، وسُمِع من العرب : إن لنا غيرَها إبلاً وشاءً.
والثالث : أن يكون بدلاً من " غَيْرَ ". وعلى هذين الوجهين ف ﴿غَيْرَ الإسلام﴾ هو المفعول به ل " يبتغ ".


الصفحة التالية
Icon