وقال أبو العالية : نزلت في اليهود والنصارى كفروا بمحمد ﷺ بعد إيمانهم بنعته وصفته، ﴿ثُمَّ ازدادوا كُفْراً﴾ بإقامتهم على كفرهم.
وقيل :﴿ازدادوا كُفْراً﴾ بالذنوب التي اكتسبوها.
وهذا اختيار الطبري، وهي عنده في اليهود. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٣٠﴾
قال الطبرى :
وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل هذه الآية، قولُ من قال :"عنى بها اليهودَ" وأن يكون تأويله : إن الذين كفروا من اليهود بمحمد ﷺ عند مَبعثه، بعد إيمانهم به قبل مبعثه، ثم ازدادوا كفرًا بما أصَابوا من الذنوب في كفرهم ومُقامهم على ضلالتهم، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم التي أصابوها في كفرهم، حتى يتوبوا من كفرهم بمحمد ﷺ، ويراجعوا التوبة منه بتصديقه بما جاء به من عند الله.
وإنما قلنا :"ذلك أولى الأقوال في هذه الآية بالصواب"، لأن الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها، إذ كانت في سياق واحد. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٦ صـ ٥٨١ ـ ٥٨٢﴾
وقال ابن عطية :
اختلف المتأولون في كيف يترتب كفر بعد إيمان، ثم زيادة كفر، فقال الحسن وقتادة وغيرهما : الآية في اليهود كفروا بعيسى بعد الإيمان بموسى ثم ﴿ازدادوا كفراً﴾ بمحمد صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام أبو محمد : وفي هذا القول اضطراب، لأن الذي كفر بعيسى بعد الإيمان بموسى ليس بالذي كفر بمحمد ﷺ، فالآية على هذا التأويل تخلط الأسلاف بالمخاطبين، وقال أبو العالية رفيع : الآية في اليهود، كفروا بمحمد ﷺ بعد إيمانهم بصفاته وإقرارهم أنها في التوراة. ثم ازدادوا كفراً بالذنوب التي أصابوها في خلاف النبي ﷺ، من الافتراء والبهت والسعي على الإسلام وغير ذلك.


الصفحة التالية
Icon