والثاني : أنها موصولة بمعنى " الذي " وعائدها محذوف، و﴿ ثُمَّ جَآءَكُمْ ﴾، عطف على الصلة، والرابط بالموصول إما محذوف، تقديره : به، وإما قيام الظاهر مقام المضمر، وهو رأي الأخفشِ، وإما ضمير الاستقرار الذي تضمنه " مَعَكُمْ ".
والثالث : أنها نكرة موصوفة، والجملة بعدها صفتها، وعائدها محذوف، ﴿ ثُمَّ جَآءَكُمْ ﴾ عطف على الصفة، والكلام في الرابط كما تقدم فيها وهي صلة، إلا أن إقامة الظاهر مُقَامه في الصفة ممتنع، لو قلت : مررت برجل قام أبو عبد الله - على أن يكون قام أبو عبد الله صفة لرجل، والرابط أبو عبد الله، إذ هو الرجلُ في المعنى - لم يجز ذلك، وإن جاز في الصلة والخبر - عند من يرى ذلك - فيتعين عود ضمير محذوف وجواب قوله :﴿ وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ ﴾ قوله :﴿ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ﴾ والضمير في " بِهِ " عائد على " رَسُولٌ " ويجوز الفصل بين القسم والمقسم عليه بمثل هذا الجار والمجرور، فلو قلت أقسمت لَلْخَبر الذي بلغني عن عمرو لأحْسِنَنَّ إليه، جاز.
وقوله :﴿ مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ﴾ إما حالٌ من الموصول، أو من عائده، وإمّا بيانٌ له فامتنع في قراءة حمزة أن تكون " ما " شرطية، كما امتنع - في قراءة الجمهورِ - أن تكون مصدرية.
وأما قراءة التشديد ففيها أوجهٌ :
أحدها : أن " لَمَّا " هنا - ظرفية، بمعنى " حين " ثم القائل بظرفيتها اختلف تقديره في جوابها، فذهب الزمخشري إلى أن الجواب مقدَّر من جنس جواب القسم، فقال :" لَمَّا " - بالتشديد - بمعنى " حين " أي حين آتيتكم الكتاب والحكمة، ثم جاءكم رسول، وجب عليكم الإيمان به، ونُصْرَتُه.


الصفحة التالية
Icon