الباء بمعنى مع، وتقدير مثل بعده أي مع مثله، وحاصل الثالث : أنه يقدر وصف يعينه المساق من نحو كان متصدقاً به، وحينئذ لا يكون الشرط المذكور من قبل ما يقصد به تأكيد الحكم السابق بل يكون شرطاً محذوف الجواب ويكون المعنى لا يقبل منه ملء الأرض ذهباً لو تصدق ولو افتدى به أيضاً لم يقبل منه وضمير ﴿بِهِ﴾ للمال من غير اعتبار وصف التصدق فالكلام من قبيل ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ﴾ [ فاطر : ١١ ]، وعندي درهم ونصفه انتهى، ولا يخفى ما في ذلك من الخفاء والتكلف، وقريب من ذلك ما قيل : إن الواو زائدة، ويؤيد ذلك أنه قرىء في الشواذ بدونها وكذا القول : بأن ﴿لَوْ﴾ ليست وصلية بل شرطية، والجواب ما بعد أو هو ساد مسده، وذكر ابن المنير في الجواب مدعياً أن تطبيق الآية عليه أسهل وأقرب بل ادعى أنه من السهل الممتنع أن قبول الفدية التي هي ملء الأرض ذهباً تكون على أحوال تارة تؤخذ قهراً كأخد الدية، وكرة يقول المفتدي : أنا أفدي نفسي بكذا ولا يفعل، وأخرى يقول ذلك والفدية عتيدة ويسلمها لمن يؤمل قبولها منه فالمذكور في الآية أبلغ الأحوال وأجدرها بالقبول، وهي أن يفتدي بملء الأرض ذهباً افتداءاً محققاً بأن يقدر على هذا الأمر العظيم ويسلمه اختياراً، ومع ذلك لا يقبل منه فلأن لا يقبل منه مجرد قوله : أبذل المال وأقدر عليه، أو ما يجري هذا المجرى بطريق الأولى فتكون الواو والحالة هذه على بابها تنبيهاً على أن ثم أحوالاً أخر لا يقع فيها القبول بطريق الأولى بالنسبة إلى الحالة المذكورة، وقوله تعالى :( ولو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به ) مصرح بذلك، والمراد به أنه لا خلاص لهم من الوعيد وإلا فقد علم أنهم في ذلك اليوم أفلس من ابن المُذَلَّق لا يقدرون على شيء،