ولو بذله فدية، لأن من عادة العرب أن المطلوب بحق قد يعطي فيه رهنا إلى أن يقع الصلح أو العفو، وكذلك في الديون، وكانوا إذا تعاهدوا على صلح أعطت القبائل رهائن منهم كما قال الحارث :
واذكروا حلف ذي المجاز وما قدم...
فيه العهود والكفلاء
ووقع في حديث أبي رافع اليهودي أن محمد بن مسلمة قال لأبي رافع نرهنك السلاح واللامة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٥١ ـ ١٥٢﴾
فصل
قال ابن عادل :
قوله :" ولو افتدى به " الجمهور على ثبوت الواو، وهي واو الحال.
قال الزمخشريّ : فإن قلت : كيف موقع قوله :" ولو افتدى به " ؟
قلت : هو كلام محمول على المعنى، كأنه قيل : فلن يقبل من أحدهم فدية، ولو افتدى بملء الأرض ذهباً. انتهى.
والذي ينبغي أن يُحْمَل عليه : أن الله - تعالى - أخبر أن مَن ْ مات كافراً لا يُقْبَل منه ما يملأ الأرض من ذهب على كل حال يقصدُها، ولو في حال افتدائه من العذاب، وذلك أن حالة الافتداء حالة لا يميز فيها المفتدي عن المفتدى منه ؛ إذ هي حالة قهر من المفتدى منه للمفتدي.
قال أبو حيان : وقد قررنا - في نحو هذا التركيب - أن " لَوْ " تأتي منبهة على أن ما قبلها جاء على سبيل الاستقصاء، وما بعدها جاء تنصيصاً على الحالة التي يظن أنها لا تندرج فيما قبلها، كقوله ﷺ :" أعْطُوا السَّائِلَ ولو جاء عَلَى فَرَسٍ " وقوله :" رُدُّوا السَّائِلَ ولَو بِظِلْف محرق " كأن هذه الأشياء مما ينبغي أن يؤتى بها ؛ لأن كون السائل على فرس يُشْعر بغناه، فلا يناسب أن يُعْطَى، وكذلك الظلف المحرق، لا غناء فيه، فكان يناسب أن لا يُرَدَّ به السائل.