قال الزمخشريُّ :" ويجوز أن يُراد : ولو افتدى بمثله، كقوله :﴿لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَه﴾ [ الرعد : ١٨ ]، والمثل يحذف في كلامهم كثيراً، كقولك : ضربت ضرب زيد - تريد : مثل ضربه - وقولك : أبو يوسف أبو حنيفة - أي : مثله-.
وقوله :[ الرجز ]
لا هَيْثَمَ اللَّيْلَةَ لِلْمَطِيِّ... وَلاَ فَتَى إلاَّ ابْنُ خَيْبَرِيّ
و" قضية ولا أبا حسن لها " يريد : لا مثل هيثم، ولا مثل أبي حسن، كما أنه يزاد قولهم : مثلك لا يفعل كذا، يريدون : أنت لا تفعل كذا، وذلك أن المثلين يسد أحدهما مسد الآخر، فكانا في حكم شيء واحد ".
قال أبو حيان :" ولا حاجةَ إلى تقدير " مثل " في قوله :" ولو افتدى به "، وكأن الزمخشريَّ تخيَّل انَّ قدّر أن يُقْبَل لا يُمكن أن يُفْتَدَى به، فاحتاج إلى إضمار :" مثل " حتى يغاير ما نُفِي قبولُه وبين ما يفتدى به، وليس كذلك ؛ لأن ذلك - ما ذكرناه - على سبيل الفرض والتقدير ؛ إذ لا يمكن - عادةً - أن أحداً يملك مِلْءَ الأرض ذهباً، بحيث أنه لو بَذَلَهُ - على أيِّ جهةٍ بذله - لم يُقْبَل منه، بل لو كان ذلك ممكناً لم يَحْتَج إلى تقدير " مثل " ؛ لأنه نفى قبوله - حتى في حالة الافتداء - وليس ما قدر في الآية نظير ما مثل به، لأن هذا التقدير لا يحتاج إليه، ولا معنى له، ولا في اللفظ، ولا في المعنى ما يدل عليه، فلا يقدر.
وأما ما مثل به - من نحو : ضربت ضربَ زيدٍ، وأبو يوسف أبو حنيفةَ - فبضرورة العقل يُعْلَم أنه لا بد من تقدير مثل إذ ضربك يستحيل أن يكون ضربَ زيد، وذات أبي يوسف، يستحيل أن تكون ذاتَ أبي حنيفة.