وقال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما بيّن في الآية الأولى أن الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام شرع شرعه الله وأوجبه على جميع من مضى من الأنبياء والأمم، لزم أن كل من كره ذلك فإنه يكون طالباً ديناً غير دين الله، فلهذا قال بعده ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ الله يَبْغُونَ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٠٦﴾
فصل
قال الفخر :
قرأ حفص عن عاصم ﴿يَبْغُونَ﴾ و﴿يَرْجِعُونَ﴾ بالياء المنقطة من تحتها، لوجهين
أحدهما : رداً لهذا إلى قوله ﴿وأولئك هُمُ الفاسقون﴾ [ آل عمران : ٨٢ ]
والثاني : أنه تعالى إنما ذكر حكاية أخذ الميثاق حتى يبين أن اليهود والنصارى يلزمهم الإيمان بمحمد ﷺ، فلما أصروا على كفرهم قال على جهة الاستنكار ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ الله يَبْغُونَ﴾ وقرأ أبو عمرو ﴿تبغون﴾ بالتاء خطاباً لليهود وغيرهم من الكافر و﴿لاَ يَرْجِعُونَ﴾ بالياء ليرجع إلى جميع المكلفين المذكورين في قوله ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى السموات والأرض﴾ وقرأ الباقون فيهما بالتاء على الخطاب، لأن ما قبله خطاب كقوله ﴿ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ﴾ [ آل عمران : ٨١ ] وأيضاً فلا يبعد أن يقال للمسلم والكافر ولكل أحد : أفغير دين الله تبغون مع علمكم بأنه أسلم له من في السموات والأرض، وأن مرجعكم إليه وهو كقوله ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تتلى عَلَيْكُمْ ءايات الله وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾ [ آل عمران : ١٠١ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٠٦ ـ ١٠٧﴾
فائدة
قال ابن عادل :
الجمهور يجعلون الهمزة مقدَّمةً على الفاء، للزومها الصدر، والزمخشري يقرها على حالها، ويُقدِّر محذوفاً قبلها، وهنا جوَّز وجهين :
أحدهما : أن تكون الفاء عاطفةً جملة على جملة، والمعنى : فأولئك هم الفاسقون، فغير دين الله يبغون، ثم توسطت الهمزة بينهما.