من فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ كلام مستأنف لبيان ما ينفع المؤمنين ويقبل منهم إثر بيان ما لا ينفع الكفار ولا يقبل منهم، وتنال من نال نيلاً إذا أصاب ووجد، ويقال : نال العلم إذا وصل إليه واتصف به، والبر الإحسان وكمال الخير، وبعضهم يفرق بينه وبين الخير بأن البر هو النفع الواصل إلى الغير مع القصد إلى ذلك، والخير هو النفع مطلقاً وإن وقع سهواً، وضد البر العقوق، وضد الخير الشر، وأل فيه إما للجنس والحقيقة، والمراد لن تكونوا أبراراً حتى تنفقوا وهو المروي عن الحسن، وإنا لتعريف العهد، والمراد لن تصيبوا بر الله تعالى يا أهل طاعته حتى تنفقوا، وإلى ذلك ذهب مقاتل وعطاء. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه تفسير البر بالجنة، وروي مثله عن مسروق والسدي وعمرو بن ميمون، وذهب بعضهم إلى أن الكلام على حذف مضاف أي لن تنالوا ثواب البر، وحتى بمعنى إلى، ومن تبعيضية، ويؤيده قراءة عبد الله ( بعض ما تحبون )، وقيل : بيانية، وعليه أيضاً لا تخالف بين القراءتين معنى، و( ما ) موصولة أو موصوفة، وجعلها مصدرية والمصدر بمعنى المفعول جائز على رأي أبي علي. وفي المراد من قوله سبحانه :﴿مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ أقوال، فقيل المال وكنى بذلك عنه لأن جميع الناس يحبونه، وقيل : نفائس الأموال وكرائمها، وقيل : ما يعم ذلك وغيره من سائر الأشياء التي يحبها الإنسان ويهواها، والإنفاق على هذا مجاز، وعلى الأولين حقيقة.