الإنفاق المجرد منه ؛ وينجر الكلام إلى مسألة تفضيل الفقير الصابر على الغني الشاكر، وهي مسألة طويلة الذيل قد ألفت فيها الرسائل ﴿وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْء﴾ أي أي شيء تنفقونه من الأشياء، أو أى شيء تنفقوا طيب تحبونه، أو خبيث تكرهونه فمن على الأول متعلقة بمحذوف وقع صفة لاسم الشرط، وعلى الثاني في محل نصب على التمييز ﴿فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ﴾ تعليل لجواب الشرط واقع موقعه أي فيجازيكم يحسبه فإنه تعالى عليم بكل ما تنفقونه، وقيل : إنه جواب الشرط، والمراد أن الله تعالى يعلمه موجوداً على الحدّ الذي تفعلونه من حسن النية وقبحها، وتقديم الظرف لرعاية الفواصل، وفي الآية ترغيب وترهيب قيل : وفيها إشارة إلى الحث على إخفاء الصدقة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٢٢٢ ـ ٢٢٣﴾
ومن فوائد أبى حيان
قال عليه الرحمة :
﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ مناسبة هذه الآية لما قبلها هو أنه لما أخبر عمن مات كافراً أنه لا يقبل ما أنفق في الدنيا، أو ما أحضره لتخليص نفسه في الآخرة على الاختلاف الذي سبق، حض المؤمن على الصدقة وبين أنه لن يدرك البر حتى ينفق مما يحب.
والبر هنا.
قال ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والسدّي، وعمرو بن ميمون : البر الجنة.
وقال الحسن، والضحاك : الصدقة المفروضة.
وقال أبو روق : الخير كله.
وقيل : الصدق.
وقيل : أشرف الدين، قاله عطاء.
وقال ابن عطية : الطاعة.
وقال مقاتل بن حيان : التقوى.
وقال الزجاج : كل ما تقرّب به إلى الله من عمل خير.
وقال معناه ابن عطية.
قال أبو مسلم : وله مواضع، فيقال : الصدق البر، ومنه : صدقت وبررت، وكرام بررة، والإحسان : ومنه بررت والدي، واللطف والتعاهد : ومنه يبر أصحابه إذا كان يزورهم ويتعاهدهم، والهبة والصدقة : برّة بكذا إذا وهبه له.


الصفحة التالية
Icon