والثاني : أن ذلك يدل على أنهم كانوا موصوفين بقبائح الأفعال، فلما حق عليهم ذلك من هذين الوجهين أنكروا كون حرمة هذه الأشياء متجددة، بل زعموا أنها كانت محرمة أبداً، فطالبهم النبي ﷺ بآية من التوراة تدل على صحة قولهم فعجزوا عنه فافتضحوا، فهذا وجه الكلام في تفسير هذه الآية وكله حسن مستقيم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١١٩ ـ ١٢٠﴾
قوله تعالى ﴿كُلُّ الطعام كَانَ حِلاًّ لّبَنِى إسراءيل﴾

فصل


قال الفخر :
قال صاحب "الكشاف" ﴿كُلُّ الطعام﴾ أي كل المطعومات أو كل أنواع الطعام وأقول : اختلف الناس في أن اللفظ المفرد المحلى بالألف واللام هل يفيد العموم أم لا ؟.
ذهب قوم من الفقهاء والأدباء إلى أنه يفيده، واحتجوا عليه بوجوه
أحدها : أنه تعالى أدخل لفظ ﴿كُلٌّ﴾ على لفظ الطعام في هذه الآية، ولولا أن لفظ الطعام قائم مقام لفظ المطعومات وإلا لما جاز ذلك
وثانيها : أنه استثنى عنه ما حرم إسرائيل على نفسه والاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لدخل، فلولا دخول كل الأقسام تحت لفظ الطعام وإلا لم يصح هذا الاستثناء وأكدوا هذا بقوله تعالى :﴿إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين ءامَنُواْ﴾ [ العصر : ٢، ٣ ]
وثالثها : أنه تعالى وصف هذا اللفظ المفرد بما يوصف به لفظ الجمع، فقال :﴿والنخل باسقات لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ * رّزْقاً لّلْعِبَادِ﴾ [ ق : ١٠، ١١ ] فعلى هذا من ذهب إلى هذا المذهب لا يحتاج إلى الإضمار الذي ذكره صاحب "الكشاف"، أما من قال إن الاسم المفرد المحلى بالألف واللام لا يفيد العموم، وهو الذي نظرناه في أصول الفقه احتاج إلى الإضمار الذي ذكره صاحب "الكشاف". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٢٠ ـ ١٢١﴾

فصل


قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon