أحدهما : أنه متَّصل، والتقدير : إلا ما حرَّم إسرائيل على نفسه، فحرم عليهم في التوراة، فليس فيها ما زادوه من محرمات، وادَّعَوْا صحةَ ذلك.
والثاني : أنه مُنْقَطِع، والتقدير : لكن حرم إسرائيلُ على نفسه خاصَّةً، ولم يحرمه عليهم، والأول هو الصحيح.
قوله :﴿مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التوراة﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلق بـ " حَرَّم " أي : إلا ما حرَّم من قبل، قاله أبو البقاء.
قال أبو حيان :" ويبعد ذلك ؛ إذ هو من الإخبار بالواضح ؛ لأنه معلوم أن الذي حَرَّم إسرائيل على نفسه، هو من قبل إنزال التوراة ضرورةً ؛ لتباعد ما بين وجود إسرائيل وإنزال التوراة ".
والثاني : أنه يتعلق بقوله :﴿كَانَ حِلاًّ﴾.
قال أبو حيان :" ويظهر أنه متعلّق بقوله :﴿كَانَ حِلاًّ لبني إِسْرَائِيلَ﴾، أي : من قبل أن تُنَزًّل التوراة، وفصل بالاستثناء ؛ إذْ هو فَصْل جائز، وذلك على مذهب الكسائي وأبي الحسن، في جواز أن يعمل ما قبل " إلا " فيما بعدها إذا كان ظرفاً أو مجروراً أو حالاً - نحو ما جلس إلا زيد عندك، ما أوَى إلا عمرو إليك، وما جاء إلا زيد ضاحكاً.
وأجاز الكسائي ذلك في المنصوب مطلقاً، نحو ما ضرب إلا زيدٌ عمراً ؛ وأجاز ذلك هو وابن الأنباري في المرفوع، نحو ما ضرب إلا زيداً عمرو، وأما تخريجه على غير مذهب الكسائي وأبي الحسن، فَيُقدَّر له عامل من جنس ما قبله، تقديره - هنا - جل من قبل أن ينزل أي تنزل التوراة ".


الصفحة التالية
Icon