وكان السبب في ذلك أنه اشتكى عرق النَّسا وكان أصل وجعه فيما روى جُويبر ومقاتل عن الضحاك : أن يعقوب كان نذر إن وهبه الله اثنى عشر ولدًا وأتى بيت المقدس صحيحًا أن يذبح آخرهم فتلقاه مَلك [من الملائكة] فقال : يا يعقوب إنك رجل قوي فهل لك في الصراع، فعالجه فلم يصرعْ واحدٌ منهما صاحبَه فغمزه المَلك غمزة فعرض له عرق النسا من ذلك، ثم قال له : أمَا إني لو شئت أن أصرعك لفعلت ولكن غمزتك هذه الغمزة لأنك كنت نذرت إن أتيت بيت المقدس صحيحًا ذبحت آخر ولدك، فجعل الله لك بهذه الغمزة من ذلك مخرجًا، فلما قدمها يعقوب أراد ذبح ولده ونسي قول الملَكِ فأتاه الملَكُ وقال : إنما غمزتك للمخرج وقد وُفي نذرُك فلا سبيل لك إلى ولدك. (١)
وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : أقبل يعقوب من حران يريد بيت المقدس حين هرب من أخيه عيصو : وكان رجلا بطيشًا قويًا فلقيه ملك فظن يعقوب أنه لص فعالجه أن يصرعه فغمز الملك فخذ يعقوب، ثم صعد إلى السماء ويعقوب عليه السلام ينظر إليه، فهاج به عرق النسا ولقي من ذلك بلاءً وشدةً وكان لا ينام بالليل من الوجع، ويبيت وله زقاء، أي : صياح، فحلف يعقوب لئن شفاه الله أن لا يأكل عرقًا ولا طعاما فيه عرق، فحرمه على نفسه، فكان بنوه بعد ذلك يتبعون العروق يخرجونها من اللحم.
وروى جُويبر عن الضحاك عن ابن عباس : لمّا أصاب يعقوب عرق النسا وصف له الأطباء أن يجتنب لحمان الإبل فحرمها يعقوب على نفسه.
وقال الحسن : حرّم إسرائيل على نفسه لحم الجزور تعبدًا لله تعالى : فسأل ربَّه أن يجيز له ذلك فحرمه الله على ولده. أ هـ ﴿تفسير البغوى حـ ٢ صـ ٦٨﴾

_______
(١) هذا القول يفتقر إلى سند وسياقها تظهر عليه علامات الإسرائيليات. والله أعلم.


الصفحة التالية