أحدها :﴿قُلْ صَدَقَ﴾ في أن ذلك النوع من الطعام صار حراماً على إسرائيل وأولاده بعد أن كان حلالاً لهم، فصح القول بالنسخ، وبطلت شبهة اليهود
وثانيها :﴿صَدَقَ الله﴾ في قوله إن لحوم الإبل وألبانها كانت محللة لإبراهيم عليه السلام وإنما حرمت على بني إسرائيل لأن إسرائيل حرمها على نفسه، فثبت أن محمداً ﷺ لما أفتى بحل لحوم الإبل وألبانها، فقد أفتى بملة إبراهيم
وثالثها :﴿صَدَقَ الله﴾ في أن سائر الأطعمة كانت محللة لبني إسرائيل وأنها إنما حرمت على اليهود جزاءً على قبائح أفعالهم.
ثم قال تعالى :﴿فاتبعوا مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفاً﴾ أي اتبعوا ما يدعوكم إليه محمد صلوات الله عليه من ملة إبراهيم، وسواء قال : ملة إبراهيم حنيفاً، أو قال : ملة إبراهيم الحنيف لأن الحال والصفة سواء في المعنى.
ثم قال :﴿وَمَا كَانَ مِنَ المشركين﴾ أي لم يدع مع الله إلها آخر، ولا عبد سواه، كما فعله بعضهم من عبادة الشمس والقمر، أو كما فعله العرب من عبادة الأوثان، أو كما فعله اليهود من ادعاء أن عزير ابن الله، وكما فعله النصارى من ادعاء أن المسيح ابن الله، والغرض منه بيان أن محمداً صلوات الله عليه على دين إبراهيم عليه السلام، في الفروع والأصول.
أما في الفروع، فلما ثبت أن الحكم بحله كان إبراهيم قد حكم بحله أيضاً، وأما في الأصول فلأن محمداً صلوات الله وسلامه عليه لا يدعو إلا إلى التوحيد، والبراءة عن كل معبود سوى الله تعالى وما كان إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه إلا على هذا الدين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٢٣ ـ ١٢٤﴾