لا شك أن المراد من ﴿بكة﴾ هو مكة ثم اختلفوا فمنهم من قال : بكة ومكة اسمان لمسمى واحد، فإن الباء والميم حرفان متقاربان في المخرج فيقام كل واحد منهما مقام الآخر فيقال : هذه ضربة لازم، وضربة لازب، ويقال : هذا دائم ودائب، ويقال : راتب وراتم، ويقال : سمد رأسه، وسبده، وفي اشتقاق بكة وجهان الأول : أنه من البك الذي هو عبارة عن دفع البعض بعضاً، يقال : بكه يبكه بكاً إذا دفعه وزحمه، وتباك القوم إذا ازدحموا فلهذا قال سعيد بن جبير : سميت مكة بكة لأنهم يتباكون فيها أي يزدحمون في الطواف، وهو قول محمد بن علي الباقر ومجاهد وقتادة قال بعضهم : رأيت محمد بن علي الباقر يصلي فمرت امرأة بين يديه فذهبت أدفعها فقال : دعها فإنها سميت بكة لأنه يبك بعضهم بعضاً، تمر المرأة بين يدي الرجل وهو يصلي، والرجل بين يدي المرأة وهي تصلي لا بأس بذلك في هذا المكان.
الوجه الثاني : سميت بكة لأنها تبك أعناق الجبابرة لا يريدها جبار بسوء إلا اندقت عنقه قال قطرب : تقول العرب بككت عنقه أبكه بكاً إذا وضعت منه ورددت نخوته.
وأما مكة ففي اشتقاقها وجوه
الأول : أن اشتقاقها من أنها تمك الذنوب أي تزيلها كلها، من قولك : أمتك الفصيل ضرع أمه، إذا امتص ما فيه


الصفحة التالية
Icon