اعلم أنه تعالى وصف هذا البيت بأنواع الفضائل فأولها : أنه أول بيت وضع للناس، وقد ذكرنا معنى كونه أولاً في الفضل ونزيد ههنا وجوهاً أُخر
الأول : قال علي رضي الله عنه، هو أول بيت خص بالبركة، وبأن من دخله كان آمناً، وقال الحسن : هو أول مسجد عبد الله فيه في الأرض وقال مطرف.
أول بيت جعل قبلة
وثانيها : أنه تعالى وصفه بكونه مباركاً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣٠﴾
فصل
قال الفخر :
البركة لها معنيان
أحدهما : النمو والتزايد
والثاني : البقاء والدوام، يقال تبارك الله، لثبوته لم يزل، والبركة شبه الحوض لثبوت الماء فيها، وبرك البعير إذا وضع صدره على الأرض وثبت واستقر، فإن فسرنا البركة بالتزايد والنمو فهذا البيت مبارك من وجوه أحدها : أن الطاعات إذا أتى بها في هذا البيت ازداد ثوابها.
قال ﷺ :" فضل المسجد الحرام على مسجدي، كفضل مسجدي على سائر المساجد " ثم قال ﷺ :" صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه " فهذا في الصلاة، وأما الحج، فقال عليه الصلاة والسلام :" من حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " وفي حديث آخر " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " ومعلوم أنه لا أكثر بركة مما يجلب المغفرة والرحمة
وثانيها : قال القفال رحمه الله تعالى : ويجوز أن يكون بركته ما ذكر في قوله تعالى :﴿يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَىْء﴾ [ القصص : ٥٧ ] فيكون كقوله ﴿إلى المسجد الأقصى الذى بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [ الإسراء : ١ ]