وقال الآلوسى :
﴿مُبَارَكاً﴾ أي كثير الخير لما أنه يضاعف فيه ثواب العبادة قاله ابن عباس، وقيل : لأنه يغفر فيه الذنوب لمن حجه وطاف به واعتكف عنده. وقال القفال : يجوز أن تكون بركته ما ذكر في قوله تعالى :﴿يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَىْء﴾ [ القصص : ٥٧ ]، وقيل : بركته دوام العبادة فيه ولزومها، وقد جاءت البركة بمعنيين : النمو وهو الشائع، والثبوت ومنه البركة لثبوت الماء فيها والبرك الصدر لثبوت الحفظ فيه وتبارك الله سبحانه بمعنى ثبت ولم يزل، ووجه الكرماني كونه مباركاً بأن الكعبة كالنقطة وصفوف المتوجهين إليها في الصلوات كالدوائر المحيطة بالمركز ولا شك أن فيهم أشخاصاً أرواحهم علوية وقلوبهم قدسية وأسرارهم نورانية وضمائرهم ربانية ومن كان في المسجد الحرام يتصل أنوار تلك الأرواح الصافية المقدسة بنور روحه فتزداد الأنوار الإلهية في قلبه وهذا غاية البركة ثم إن الأرض كرية وكل آن يفرض فهو صبح لقوم ظهر لثان عصر لثالث وهلم جراً، فليست الكعبة منفكة قط عن توجه قوم إليها لأداء الفرائض فهو دائماً كذلك والمنصوب حال من الضمير المستتر في الظرف الواقع صلة. وجوز أبو البقاء جعله حالاً من الضمير في وضع. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٥﴾
قوله تعالى ﴿هُدًى للعالمين﴾
قال الفخر :
المعنى أنه قبلة للعالمين يهتدون به إلى جهة صلاتهم، وقيل : هدىً للعالمين أي دلالة على وجود الصانع المختار، وصدق محمد ﷺ في النبوّة بما فيه من الآيات التي ذكرناها والعجائب التي حكيناها فإن كل ما يدل على النبوة فهو بعينه يدل أولاً على وجود الصانع، وجميع صفاته من العلم والقدرة والحكمة والاستغناء، وقيل : هدىً للعالمين إلى الجنة لأن من أدى الصلوات الواجبة إليها استوجب الجنة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣٠ ـ ١٣١﴾