أصحابه حتى جاءهم فقال : يا معشر المسلمين اللَّهَ اللَّهَ أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم الله تعالى إلى الإسلام وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد لهم من عدوهم فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق الرجال بعضهم بعضاً ثم انصرفوا مع رسول الله ﷺ سامعين مطيعين قد أطفأ الله تعالى عنهم كيد عدو الله تعالى شماس، وأنزل الله تعالى في شأن شاس وما صنع ﴿قُلْ يا أهل أَهْلِ الكتاب لَمَن تَكْفُرُونِ﴾ إلى قوله سبحانه :﴿وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [ آل عمران : ٩٨، ٩٩ ] وأنزل في أوس بن قيظي وهبار ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا ﴿المحسنين يا أيها الذين ءامَنُواْ إِن تُطِيعُواْ﴾ [ آل عمران : ١٤٩ ] الآية، وعلى هذا يكون المراد من أهل الكتاب ظاهراً اليهود. وقيل : المراد منه ما يشمل اليهود والنصارى.
﴿والله شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ﴾ جملة حالية العامل فيها ﴿تَكْفُرُونِ﴾ وهي مفيدة لتشديد التوبيخ والإظهار في موضع الإضمار لما مرّ غير مرة والشهيد العالم المطلع، وصيغة المبالغة للمبالغة في الوعيد وجعل الشهيد بمعنى الشاهد تكلف لا داعي إليه، و﴿مَا﴾ إما عبارة عن كفرهم، وإما على عمومها وهو داخل فيها دخولاً أولياً والمعنى لأي سبب تكفرون، والحال أنه لا يخفى عليه بوجه من الوجوه جميع أعمالكم وهو مجازيكم عليها على أتم وجه ولا مرية في أن هذا مما يسد عليكم طرق الكفر والمعاصي ويقطع أسباب ذلك أصلاً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٤ ـ ١٥﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
الخطاب بهذه الآية لتأكيد الحجة عليهم، ومن حيث الحقيقة والقهر يَسُدُّ الحجة عليهم، فهم مدعوون - شرعاً وأمراً، مطرودون - حُكْماً وقهراً. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٢٦٥﴾