وقيل : لبيان الجنس، والمعنى لتكونوا كلكم كذلك.
قلت : القول الأوّل أصح ؛ فإنه يدل على أن الأمر بالمعروف والنهيّ عن المنكر فرض على الكفاية، وقد عيّنهم الله تعالى بقوله :﴿الذين إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض أَقَامُواْ الصلاة﴾ [ الحج : ٤١ ] الآية.
وليس كل الناس مُكِّنُوا.
وقرأ ابن الزبير :"وَلْتَكُنَ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ويَستَعينونَ اللَّهَ على ما أصابهم".
قال أبو بكر الأنباري : وهذه الزيادة تفسير من ابن الزبير، وكلام من كلامه غَلِط فيه بعض الناقلين فألحقه بألفاظ القرآن ؛ يدلّ على صحة ما أصِفُ الحديثُ الذي حدّثنيه أبي حدّثنا ( حسن ) بن عرفة حدّثنا وكيع عن أبي عاصم عن أبي عون عن صبيح قال : سمعت عثمان بن عفّان يقرأ "ويأمرون بِالمعروفِ وَيَنْهَوْنَ عن المنكرِ ويستعينون الله على ما أصابهم" فما يشكّ عاقل في أن عثمان لا يعتقد هذه الزيادة من القرآن ؛ إذ لم يكتبها في مصحفه الذي هو إمام المسلمين، وإنما ذكرها واعظاً بها ومؤكِّداً ما تقدمها من كلام رب العالمين جل وعلا. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٦٥ ـ ١٦٦﴾

فصل


قال الفخر :
هذه الآية اشتملت على التكليف بثلاثة أشياء، أولها : الدعوة إلى الخير ثم الأمر بالمعروف، ثم النهي عن المنكر، ولأجل العطف يجب كون هذه الثلاثة متغايرة، فنقول : أما الدعوة إلى الخير فأفضلها الدعوة إلى إثبات ذات الله وصفاته وتقديسه عن مشابهة الممكنات وإنما قلنا إن الدعوة إلى الخير تشتمل على ما ذكرنا لقوله تعالى :﴿ادع إلى سَبِيلِ رَبّكَ بالحكمة﴾ [ النحل : ١٢٥ ] وقوله تعالى :﴿قُلْ هذه سَبِيلِى ادعوا إلى الله على بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتبعنى﴾ [ يوسف : ١٠٨ ].


الصفحة التالية
Icon