والمعروف والمنكر إن كانا ضروريين كان لكل مسلم أن يأمر وينهي فيهما، وان كانا نظريين، فأنما يقوم بالأمر والنهي فيهما أهل العلم.
وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروط مبينة في الفقه والآداب الشرعية، ألا أني أنبه إلى شرط ساء فهم بعض الناس فيه وهو قول بعض الفقهاء : يشترط ألا يجر النهي إلى منكر أعظم.
وهذا شرط قد خرم مزية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأتخذه المسلمون ذريعة لترك هذا الواجب.
ولقد ساء فهمهم فيه إذ مراد مشترطه أن يتحقق الأمر أن أمره يجر إلى منكر أعظم لا أن يخاف أن يتوهم إذ الوجوب قطعي لا يعارضه إلا ظن أقوى.
ولما كان تعيين الكفاءة للقيام بهذا الفرض، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتوقفه على مراتب العلم بالمعروف والمنكر، ومراتب القدرة على التغيير، وإفهام الناس ذلك، رأى أئمة المسلمين تعيين ولاة للبحث عن المناكر وتعيين كيفية القيام بتغييرها، وسموا تلك الولاية بالحسبة، وقد أولى عمر بن الخطاب في هاته الولاية أم الشفاء،
وأشهر من وليها في الدولة العباسية أبن عائشة، وكان رجلا صلبا في الحق، وتسمى هذه الولاية في المغرب ولاية السوق وقد ولياها في قرطبة الأمام محمد بن خالد بن مرتنيل القرطبي المعروف بالأشج من أصحاب ابن القاسم توفي سنة ٢٢٠.
وكانت في الدولة الحفصية ولاية الحسبة من الولايات النبيهة وربما ضمت إلى القضاء كما كان الحال في تونس بعد الدولة الحفصية. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٨١ ـ ١٨٣﴾

فصل


قال البغوى :
قال أبو سعيد رضي الله عنهما سمعت رسول الله ﷺ يقول :"من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان". ﴿أخرجه مسلم في الإيمان باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم (٧٨) : ١ / ٦٩﴾.


الصفحة التالية
Icon