وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ :﴿وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ﴾ وَمَعْنَاهُ غَيْرُ مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَاهُ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا :﴿وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ﴾ أَنَّكُمْ عَالِمُونَ بِبُطْلَانِ قَوْلِكُمْ فِي صَدِّكُمْ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْهُمْ.
وَالثَّانِي : أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ :﴿شُهَدَاءُ﴾ عُقَلَاءَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ يَعْنِي : وَهُوَ عَاقِلٌ (١) ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ الدَّلِيلَ الَّذِي يُمَيَّزُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ الْبَاطِلِ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٢ صـ ٣١٢ ـ ٣١٣﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٩)﴾
كيف يصد غيره مَنْ هو مصدودٌ في نَفْسِه ؟ إنَّ في هذا لَسِرَّا للربوبية. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٢٦٥﴾

___
(١) الأولى حمل الآية على المعنى الأول لأنهم كما أخبر عنهم القرآن يعرفون رسول الله ـ ﷺ ـ كما يعرفون أبناءهم وأما وصفهم بأنهم عقلاء فهذا مدح وسياق الآية يأباه لأن المقام مقام إنكار وتوبيخ لهم والقرآن قد وبخهم فى أكثر من موضع بقوله ﴿أفلا تعقلون﴾ والعاقل من شأنه أن لا يعادى الحق بل يسارع لقبوله واتباعه. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon