ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآيتين
قال رحمه الله :
﴿ قُلْ يا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ ﴾
وحين تسمع " قل " فهي أمر من الله لرسوله كما قلنا من قبل ؛ إنك إذا كلفت إنسانا أن يقول جملة لمن ترسله إليه فهل هذا الإنسان يأتي بالأمر " قل " أو يؤدي الجملة ؟ إنه يؤدي الجملة، ومثال ذلك حين تقول لابنك مثلا :" قل لعمك : إن أبي سيأتيك غدا " فابنك يذهب إلى عمه قائلا :" أبي يأتيك غدا ".
وقد يقول قائل : ألم يكن يكفي أن يقول الله للرسول :" قل يا محمد " فيبلغنا رسول الله يا أهل الكتاب لم تكفرون ؟ كان ذلك يكفي، ولكن الرسول مبلغ الأمر نفسه من الله، فكأنه قال ما تلقاه من الله، والذي تلقاه الرسول من الله هو :﴿ قُلْ يا أَهْلَ الْكِتَابِ ﴾ وهذا يدل على أن الرسول يبلغ حرفيا ما سمعه عن الله وهناك آيات كثيرة في القرآن تبدأ بقول الحق :﴿ يا أَهْلَ الْكِتَابِ ﴾ ولا يأتي فيها قول الحق :" قل ". وهناك آيات تأتي مسبوقة بـ " قل " " ما الفرق بين الاثنين " ؟
نحن نجد أن الحق مرة يتلطف مع خلقه، فيجعلهم أهلا لخطابه، فيقول :﴿ يا أَهْلَ الْكِتَاب ﴾ إنه خطاب من الله لهم مباشرة. ومرة يقول لرسوله : قل لهم يا محمد لأنهم لم يتساموا إلى مرتبة أن يُخاطبوا من الله مباشرة : فإذا ما وجدنا خطابا من الحق للخلق، مرة مسبوقا بـ " قل " ومرة أخرى غير مسبوق فلْتعلم أن الحق سبحانه حين يخاطب خلقه الذين خلقهم يتلطف معهم مرة، ويجعلهم أهلا لأن يخاطبهم، ومرة حين يجد منهم اللجاج فإنه يبلغ رسول ﷺ : قل لهم.