قال ابن عاشور :
والبياض والسواد بياض وسواد حقيقيان يوسم بهما المؤمن والكافر يوم القيامة، وهما بياض وسواد خاصان لأن هذا من أحوال الآخرة فلا داعي لصرفه عن حقيقته. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٨٥﴾
فائدة
قال العلامة الشنقيطى :
قوله تعالى :﴿وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾.
بين في هذه الآية الكريمة أن من أسباب اسوداد الوجوه يوم القيامة الكفر بعد الإيمان وذلك في قوله ﴿فَأَمَّا الذين اسودت وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ] الآية.
وبين في موضع آخر أن من أسباب ذلك الكذب على الله وهو قوله تعالى :﴿وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ﴾ [ الزمر : ٦٠ ]. وبين في موضع آخر أن من أسباب ذلك اكتساب السيئات وهو قوله :﴿والذين كَسَبُواْ السيئات جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ الليل مُظْلِماً﴾ [ يونس : ٢٧ ] وبين في موضع آخر أن من أسباب ذلك الكفر والفجور وهو قوله تعالى :﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أولئك هُمُ الكفرة الفجرة﴾ [ عبس : ٤٠-٤٢ ].
وهذه الأسباب في الحقيقة شيء واحد عبر عنه بعبارات مختلفة، وهو الكفر بالله تعالى، وبين في موضع آخر شدة تشويه وجوههم بزرقة العيون وهو قوله :﴿وَنَحْشُرُ المجرمين يَوْمِئِذٍ زُرْقاً﴾ [ طه : ١٠٢ ] وأقبح صورة أن تكون الوجوه مسوداً والعيون زرقاً، ألا ترى الشاعر لما أراد أن يصور علل البخيل في أقبح صورة وأشوهها اقترح لها زرقة العيون، واسوداد الوجوه في قوله :
وللبخيل على أمواله علل... زرق العيون عليها أوجه سود. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ١ صـ ٢٠٥ ـ ٢٠٦﴾


الصفحة التالية
Icon