واعلم أن وجه الاستدلال بالآية هو أنا نقول : الآيات المتقدمة ما كانت إلا في الترغيب في الإيمان بالتوحيد والنبوّة وفي الزجر عن الكفر بهما ثم إنه تعالى اتبع ذلك بهذه الآية فظاهرها يقتضي أن يكون ابيضاض الوجه نصيباً لمن آمن بالتوحيد والنبوّة، واسوداد الوجه يكون نصيباً لمن أنكر ذلك، ثم دل ما بعد هذه الآية على أن صاحب البياض من أهل الجنة، وصاحب السواد من أهل النار، فحينئذ يلزم نفي المنزلة بين المنزلتين، وأما قوله يشكل هذا بالكافر الأصلي فجوابنا عنه من وجهين الأول : أن نقول لم لا يجوز أن يكون المراد منه أن كل أحد أسلم وقت استخراج الذرية من صلب آدم ؟ وإذا كان كذلك كان الكل داخلاً فيه والثاني : وهو أنه تعالى قال في آخر الآية ﴿فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ فجعل موجب العذاب هو الكفر من حيث إنه كفر لا الكفر من حيث أنه بعد الإيمان، وإذا وقع التعليل بمطلق الكفر دخل كل الكفار فيه سواء كفر بعد الإيمان، أو كان كافراً أصلياً والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٤٩ ـ ١٥٠﴾
فصل
قال القرطبى :
اختلفوا في التعيين ؛ فقال ابن عباس : تبيضّ وجُوه أهلِ السنّة وتسودّ وجوه أهل البِدعة.
قلت : وقول ابن عباس هذا رواه مالك بن سليمان الهرويّ أخو غسّان عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال :" قال رسول الله ﷺ في قول الله تعالى ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ قال :"يعني تبيض وجوه أهل السنة وتسودّ وجوه أهل البدعة" " ذكره أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب.
وقال فيه : منكر من حديث مالك.
قال عطاء : تبيض وجوه المهاجرين والأنصار، وتسودّ وجوه بني قريظة والنضِير.