وقال أبو السعود :
﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ﴾ استفهامٌ إنكاريٌّ بمعنى إنكارِ الوقوعِ كما في قوله تعالى :﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ﴾ الخ لا بمعنى إنكار الواقعِ كما في قوله تعالى :﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وَكُنتُمْ أمواتا﴾ الخ وفي توجيه الإنكارِ والاستبعادِ إلى كيفية الكفرِ من المبالغة ما ليس في توجيهه إلى نفسه بأن يقال : أتكفرون ؟ لأن كلَّ موجودٍ لا بد أن يكون وجودُه على حال من الأحوال فإذا أُنكِرَ ونُفيَ جميعُ أحوالِ وجودِه فقد انتفى وجودُه بالكلية على الطريق البرهاني وقوله تعالى :﴿وَأَنْتُمْ تتلى عَلَيْكُمْ آيات الله﴾ جملةٌ وقعتْ حالاً من ضمير المخاطَبين في تكفُرون مؤكِّدةٌ للإنكار والاستبعادِ بما فيها من الشؤون الداعيةِ إلى الثبات على الإيمان، الرادعةِ عن الكفر، وقوله تعالى :﴿وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾ معطوفٌ عليها داخلٌ في حكمها فإن تلاوةَ آياتِ الله تعالى عليهم وكونَ رسولِه عليه الصلاة والسلام بين أظهُرِهم يعلِّمهم الكتابَ والحِكمةَ ويزكِّيهم بتحقيق الحقِّ وإزاحةِ الشُّبَهِ من أقوى الزواجر عن الكفر، وعدمُ إسنادِ التلاوة إلى رسول الله ﷺ للإيذان باستقلالِ كلَ منهما في الباب. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ٦٥﴾