وفي الحديث : كنا مع عمرو بن العاص، فدخلنا شِعْباً، فإذا نحن بغربان، وفيهن غُرابٌ أحمرُ المنقار أحمر الرِّجلين، فقال عَمرو : قال رسول الله ﷺ " لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنَ النِّسَاءِ إلاَّ بِقَدْرِ هَذَا مِنَ الغِرْبَانِ " والمراد منه : التقليل.
قوله :" فقد هدي " جواب الشرط، وجيء ف يالجواب بـ " قد " دلالةً على التوقُّع ؛ لأن المعتصم متوقع الهداية.
والمعنى : ومن يمتنع بدينِ الله، ويتمسك بدينه، وطاعتهِ، فقد هُدِي إلى صراطِ مستقيم واضح. وفسره ابن جرير ومن يعتصم بالله أي : يؤمن بالله. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٤٢٦ ـ ٤٢٧﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
لا ينبغي لمن أشرقت في قلبه شموسُ العرفان أن يوقع الكفرُ عليه ظِلَّه، فإنه إذا أقبل النهارُ من ها هنا أدبر الليل من ها هنا.
وقوله :﴿وَمَن يَعْتَصِم﴾ الآية إنما يعتصم بالله مَنَّ وَجَدَ العصمة من الله، فأمَّا مَنْ لم يَهْدِه الله فمتى يعتصم بالله ؟ فالهدايةُ منه في البداية توجِبُ اعتصامك في النهاية، لا الاعتصام منك يوجب الهداية.
وحقيقةُ الاعتصام صدق اللُّجوء إليه، ودوامُ الفرار إليه، واستصحاب الاستغاثة إليه. ومَنْ كشف عن سِرِّه غطاء التفرقة تحقق بأنه لا لغير الله ذرة أو منه سينة، فهذا الإنسان يعتصم به ممن يُعْتَصَمُ به ؛ قال سيد الأولين والآخرين صلوات الله عليه وعلى آله :﴿أَعُوذُ بِكَ مِنْك﴾.
ومَنْ اعتصم بنفسه دون أن يكون محواً عن حوله وقوته في اعتصامه - فالشِرْكُ وطنُه وليس يشعر. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٢٦٥ ـ ٢٦٦﴾