فبلغ ذلك رسول الله ﷺ، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم فقال :" يا معشر المسلمين الله الله... أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً ؟! " فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوّهم لهم. فألقوا السلاح، وبكوا وعانق الرجال بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله ﷺ سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس، وأنزل الله في شأن شاس بن قيس وما صنع ﴿ قل يا أهل الكتاب لمَ تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ﴾ إلى قوله ﴿ وما الله بغافل عما تعملون ﴾ وأنزل في أوس بن قيظي، وجبار بن صخر، ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ﴾ إلى قوله ﴿ أولئك لهم عذاب عظيم ﴾.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني من طريق أبي نعيم عن ابن عباس قال : كانت الأوس والخزرج في الجاهلية بينهم شر، فبينما هم يوماً جلوس، ذكروا ما بينهم حتى غضبوا وقام بعضهم إلى بعض بالسلاح، فأتى النبي ﷺ، فذكر له ذلك فركب إليهم.
فنزلت ﴿ وكيف تكفرون ﴾ الآية. والآيتان بعدها.


الصفحة التالية
Icon