[ الانفطار : ١٣ ] فيكون المراد بالبر ما يصدر منهم من الأعمال المقبولة المذكورة في قوله :﴿ ولكن البر من آمن ﴾ [ البقرة : ١٧٧ ] وجملتها التقوى لقوله :﴿ أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ﴾ [ البقرة : ١٧٧ ] والثاني الجنة أي لن تنالوا ثواب البر. وقيل : المراد بر الله أولياءه وإكرامه إياهم من قول الناس " برني فلان بكذا وبر فلان لا ينقطع عني ". وقال تعالى :﴿ أن تبروا وتتقوا ﴾ [ البقرة : ٢٢٤ ] و " من " في قوله :﴿ مما تحبون ﴾ للتبعيض نحو : أخذت من المال. ويؤيده قراءة عبد الله بن مسعود ﴿ بعض ما تحبون ﴾ وفيه أن إنفاق كل المال غير مندوب بل غير جائز لمن يحتاج إليه. والمراد بما تحبون قال بعضهم : هو نفس المال لقوله تعالى :﴿ وإنه لحب الخير لشديد ﴾ [ العاديات : ٨ ] وقيل : هو ما يكون محتاجاً إليه كقوله :﴿ ويطعمون الطعام على حبه ﴾ [ الدهر : ٨ ] ﴿ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ﴾ [ الحشر : ٩ ] وقيل : هو أطيب المال وأرفعه كما مر. وعن ابن عباس أراد به الزكاة أي حتى تخرجوا زكاة أموالكم. ويريد عليه أنه لا يجب على المزكي أن يخرج أشرف أمواله وأكرمها، وقال الحسن : هو كل ما أنفقه المسلم من ماله يطلب به وجه الله. ونقل الواحدي عن مجاهد والكلبي انها منسوخة بآية الزكاة. وضعف بأن إيجاب الزكاة لا ينافي الترغيب في بذل المحبوب لوجه الله. و " من " في ﴿ من شيء ﴾ للتبيين يعني من أي شيء كان، طيب أو خبيث ﴿ فإن الله به عليم ﴾ فيجازيكم بحسبه أو يعلم الوجه الذي لأجله تنفقون من الإخلاص أو الرياء. ثم إنه سبحانه بعد تقرير الدلائل الدالة على نبوة محمد ﷺ، وبعد توجيه الإلزامات الواردة على أهل الكتاب في هذا الباب، أجاب عن شبهة للقوم وتقرير ذلك من وجوه : أحدها أنهم كانوا يعوّلون في إنكار شرع محمد ﷺ على إنكار النسخ، فأورد عليهم أن الطعام الذي حرمه إسرائيل على