وأجاب عنها بقوله ﴿كُلُّ الطعام كَانَ حِلاًّ لّبَنِى إسرائيل إِلاَّ مَا حَرَّمَ إسرائيل على نَفْسِهِ﴾ [ آل عمران : ٩٣ ].
والشبهة الثانية : ما يتعلق بالكعبة ووجوب استقبالها في الصلاة ووجوب حجها.
وأجاب عنها بقوله ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ﴾ [ آل عمران : ٩٦ ] إلى آخرها، فعند هذا تمت وظيفة الاستدلال وكمل الجواب عن شبهات أرباب الضلال، فعند ذلك خاطبهم بالكلام اللين وقال :﴿لِمَ تَكْفُرُونَ بآيات الله﴾ بعد ظهور البينات وزوال الشبهات، وهذا هو الغاية القصوى في ترتيب الكلام وحسن نظمه.
الوجه الثاني : وهو أنه تعالى لما بين فضائل الكعبة ووجوب الحج، والقوم كانوا عالمين بأن هذا هو الدين الحق والملة الصحيحة قال لهم :﴿لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ الله﴾ بعد أن علمتم كونها حقة صحيحة.
واعلم أن المبطل إما أن يكون ضالاً فقط، وإما أن يكون مع كونه ضالاً يكون مضلاً، والقوم كانوا موصوفين بالأمرين جميعاً فبدأ تعالى بالإنكار عليهم في الصفة الأولى على سبيل الرفق واللطف. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣٦ ـ ١٣٧﴾
فصل
قال الفخر :
قوله ﴿يا أهل الكتاب لِمَ تَكْفُرُونَ بِأَيَاتِ الله﴾ واختلفوا فيمن المراد بأهل الكتاب، فقال الحسن : هم علماء أهل الكتاب الذين علموا صحة نبوته، واستدل عليه بقوله ﴿وَأَنْتُمْ شُهَدَاء﴾ وقال بعضهم : بل المراد كل أهل الكتاب لأنهم وإن لم يعلموا فالحجة قائمة عليهم فكأنهم بترك الاستدلال والعدول إلى التقليد بمنزلة من علم ثم أنكر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣٧﴾