ومثل هذا لا يجوز أن ينسخ وإلا كان إباحة لبعض المعاصي. ولا يجوز أن يراد بقوله :﴿ حق تقاته ﴾ ما لا يستطاع من التكاليف كالصادر على سبيل الخطأ والسهو والنسيان لقوله :﴿ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ] فعلى هذا لم يبق فرق بين الآيتين. ولناصر القول الأول أن يقول : إن كنه الإلهية غير معلوم للخلق، فلا يكون كمال قهره وقدرته وعزته معلوماً فلا يحصل الخوف اللائق بذلك فلا يحصل حق الاتقاء، وإذا كان كذلك فيجوز أن يؤمر بالاتقاء الأغلظ والأخف، ثم ينسخ الأغلظ ويبقى الأخف، ونزول هذه الآية بعد قوله :﴿ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ] ممنوع ﴿ ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ﴾ ليس نهياً عن الموت وإنما هو نهي عن أن يدركهم الموت على خلاف حال الإسلام وقد مر في البقرة مثله. ثم إنه تعالى أمرهم بما هو كالأصل لجيمع الخيرات وإصلاح المعاش والمعاد وهو الاجتماع على التمسك بدين الله واتفاق الآراء على إعلاء كلمته فقال :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعاً ﴾ حال كونهم مجموعين. وقولهم : اعتصمت بحبله يجوز أن يكون تمثيلاً لاستظهاره به ووثوقه بعناية باستمساك المتدلي من مكان مرتفع بحبل وثيق يأمن انقطاعه، لأن وجه


الصفحة التالية
Icon