كما شرقت صدر القناة من الدم... قال بعضهم : الشفة أصغر من الشفا وكذلك الضلالة والضلال لذلك قال نوح عليه السلام :﴿ ليس بي ضلالة ﴾ [ الأعراف : ٦١ ] حين قال له قومه ﴿ إنا لنراك في ضلال مبين ﴾ [ الأعراف : ٦٠ ] أي ليس بي صغير من الضلال فكيف الكبير منه؟ ومعنى الآية إنكم كنتم مشرفين بكفركم على جهنم تشبيهاً لها بالحفر التي فيها النار وتمثيلاً بحياتهم التي يتوقع بعدها الوقوع في النار بالقعود على حرفها. وفيه تنبيه على تحقير مدة الحياة وإن طالت كأنه ليس بين الحياة وبين الموت المستلزم للوقوع في الحفرة إلا ما بين طرف الشيء وبين ذلك الشيء. قالت المعتزلة : معنى الإنقاذ أنه تعالى لطف بهم بالرسول ﷺ وبسائر ألطفاه حتى آمنوا. وقال أهل السنة : جميع الألطاف مشتركة بين المؤمن والكافر، فلو كان فاعل الإيمان هو العبد لكان العبد هو الذي أنقذ نفسه من النار، لكن الآية دلت على أن الله تعالى هو المنقذ فعلم أن خالق أفعال العباد هو الله تعالى. ﴿ كذلك ﴾ مثل ذلك البيان البليغ ﴿ يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ﴾ إرادة أن تزدادوا هدى أو لتكونوا على رجاء هداية. فالأول قول المعتزلة والثاني لأهل السنة، وقد مر في أوائل سورة البقرة. ثم رغب المؤمنين الكاملين في تكميل غيرهم فقال :﴿ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ﴾ وهو جنس تحته نوعان : الترغيب في فعل ما ينبغي من واجبات الشرع ومندوباته والكف عما لا ينبغي من محرماته ومكروهاته، فلا جرم أتبعه النوعين زيادة في البيان فقال :﴿ ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ﴾ واختلفوا في أن كلمة " من " في قوله :﴿ منكم ﴾ للتبيين أو للتبيعض.