كالأسى يقال : يفعلون أذاه يؤذيه أذى وأذاة وأذية. والأذى نوع من الضر فصح انصابه به والتقدير : لن يضروكم شيئاً من أنواع الضرر إلا ضرراً يسيراً. ومن هذا تبين أن الاستثناء ليس بمنقطع على ما ظن ﴿ وإن قاتلوكم بولوكم الأدبار ﴾ منهزمين ﴿ ثم لا ينصرون ﴾ وإنما لم يجزم بالعطف على ﴿ يولوكم ﴾ لئلا يصير نفي النصر مقيداً بمقاتلتهم بل يرفع ليكون نفي النصر وعداً مطلقاً، وتكون هذه الجملة معطوفة على جملة الشرط والجزاء كأنه قيل : أخبركم أنهم إن يقاتلوكم وينهزموا، ثم أخبركم وأبشركم أن النصر والقوة منتفٍ عنهم رأساً فلن يستقيم لهم أمر ألبتة.
ومعنى " ثم " إفادة التراخي في الرتبة لأن الإخبار بتسليط الخذلان عليهم أينما كانوا أعظم من الإخبار بانهزامهم عند القتال. فإن قيل : هب أن اليهود كذلك، لكن النصارى قد يوجحد لهم قوى وشوكة في ديارهم. قلنا : هذه الآيات مخصوصة باليهود وأسباب النزول تدل على ذلك، فكان كما أخبر من حال بني قريظة والنضير وبني قينقاع وأهل خيبر، أو لعل نفي النصرة عنهم بعد القتال ولم يوجد نصراني بهذه الحالة. وفي الآية تشجيع للمؤمن وتثبيت لمن آمن من أهل التكاب كيلا يلتفتوا إلى تضليلاتهم وتحريفاتهم. أ هـ ﴿غرائب القرآن حـ ٢ صـ ٢٢٤ ـ ٢٣٦﴾


الصفحة التالية
Icon