والقول الثاني : في تفسير كونها قائمة : أنها ثابتة على التمسك بالدين الحق ملازمة له غير مضطربة في التمسك به كقوله ﴿إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾ [ آل عمران : ٧٥ ] أي ملازماً للاقتضاء ثابتاً على المطالبة مستقصياً فيها، ومنه قوله تعالى :﴿قَائِمَاً بالقسط﴾ [ آل عمران : ١٨ ].
وأقول : إن هذه الآية دلّت على كون المسلم قائماً بحق العبودية وقوله ﴿قَائِمَاً بالقسط﴾ يدل على أن المولى قائم بحق الربوبية في العدل والإحسان فتمت المعاهدة بفضل الله تعالى كما قال :﴿أَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ [ البقرة : ٤٠ ] وهذا قول الحسن البصري، واحتج عليه بما روي أن عمر بن الخطاب قال يا رسول الله : إن أناساً من أهل الكتاب يحدثوننا بما يعجبنا فلو كتبناه، فغضب ﷺ وقال :" أمتهوكون أنتم يا ابن الخطاب كما تهوكت اليهود "، قال الحسن : متحيرون مترددون " أما والذي نفسي بيده لقد أتيتكم بها بيضاء نقية " وفي رواية أخرى قال عند ذلك :" إنكم لم تكلفوا أن تعملوا بما في التوراة والإنجيل وإنما أمرتم أن تؤمنوا بهما وتفوضوا علمهما إلى الله تعالى، وكلفتم أن تؤمنوا بما أنزل علي في هذا الوحي غدوةً وعشياً والذي نفس محمد بيده لو أدركني إبراهيم وموسى وعيسى لآمنوا بي واتبعوني " فهذا الخبر يدل على أن الثبات على هذا الدين واجب وعدم التعلق بغيره واجب، فلا جرم مدحهم الله في هذه الآية بذلك فقال :﴿مّنْ أَهْلِ الكتاب أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ﴾.
القول الثالث :﴿أُمَّةٌ قَائِمَةٌ﴾ أي مستقيمة عادلة من قولك : أقمت العود فقام بمعنى استقام، وهذا كالتقرير لقوله ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٦٤ ـ ١٦٥﴾
قوله تعالى :﴿يَتْلُونَ ءايات الله ءَانَاء الليل﴾
قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon