فصل


قال الفخر :
احتج أصحابنا بقوله ﴿وَللَّهِ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض﴾ على كونه خالقاً لأعمال العباد، فقالوا لا شك أن أفعال العباد من جملة ما في السموات والأرض، فوجب كونها له بقوله ﴿وَللَّهِ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض﴾ وإنما يصح قولنا : إنها له لو كانت مخلوقة له فدلت هذه الآية على أنه خالق لأفعال العباد.
أجاب الجبائي عنه بأن قوله ﴿لِلَّهِ﴾ إضافة ملك لا إضافة فعل، ألا ترى أنه يقال : هذا البناء لفلان فيريدون أنه مملوكه لا أنه مفعوله، وأيضاً المقصود من الآية تعظيم الله لنفسه ومدحه لإلهية نفسه، ولا يجوز أن يتمدح بأن ينسب إلى نفسه الفواحش والقبائح، وأيضاً فقوله ﴿مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض﴾ إنما يتناول ما كان مظروفاً في السموات والأرض وذلك من صفات الأجسام لا من صفات الأفعال التي هي أعراض.
أجاب أصحابنا عنه بأن هذه الإضافة إضافة الفعل بدليل أن القادر على القبيح والحسن لا يرجح الحسن على القبيح إلا إذا حصل في قلبه ما يدعوه إلى فعل الحسن، وتلك الداعية حاصلة بتخليق الله تعالى دفعاً للتسلسل، وإذا كان المؤثر في حصول فعل العبد هو مجموع القدرة والداعية، وثبت أن مجموع القدرة والداعية بخلق الله تعالى ثبت أن فعل العبد مستند إلى الله تعالى خلقاً وتكويناً بواسطة فعل السبب، فهذا تمام القول في هذه المناظرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٥٣ ـ ١٥٤﴾

فصل


قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon